غزالة تهزم أسدا..

يدّعي الأسد أنه ملك الغابة...

أنه سيد الحيوانات و زعيمها..

يفعل ما يحلوا له..

يظلم من يشاء..

يفترس من يشاء..

فلا أحد قاومه ، أو حتى أبدى معارضته ..



تقف الحيوانات ذليلة أمامه..

تطيعه و تمتثل لأوامره و هي مكرهة ..

لا تجرأ على مخالفته، حتى لا ينالها العقاب منه ، أو ربما القتل ..



ازداد الأسد غطرسة..

صار أكثر تجبرا، لأن الجميع يخافونه و يرتعبون منه..



كان السّر في خوف الحيوانات منه أنّ له صوتا مرعبا مدويا اسمه الزئير..

فبمجرد أن يطلق الأسد زئيره المرعب ترتعد جميع الحيوانات خوفا منه حتى و لو لم يكن أمامها ..

لكن الغزالة ريم لا تخاف الأسد ..

لا يؤثر فيها زئيره و لا يرهبها..

ريم دائما نشيطة و مجتهدة ..

تعمل ، تنتج..

و تكره الكسل..

تحب الحرية و تعشق الطبيعة..

تقضي وقت راحتها في البراري و بين الأزهار ..

تقفز تجري بين الأشجار ..

تلعب ، تمرح..

تزهروا ، تفرح..

لا تعرف مللا أو تكرار..

كل يوم بالنسبة لها فرصة جديدة للعمل و التقدم..

كل يوم تعتبره فرصة أخرى للاستمتاع أكثر بجمال الطبيعة و الحياة ..

لكنها لا تقبل الذل و الهوان..

لا تهاب الأسد لقوته و صوته المدوي ..!

أما الحيوانات فكان غالب حديثها عن الأسد و قوته، عن زئيره الرهيب الذي ترتعد له الغابة خوفا ، إلا ريم الشجاعة لم يبهرها بزئيره و جبروته..

شعر الأسد الظالم بأمرها..

عرف أنها لا تخافه و لا تعترف بزعامته..

غضب من هذا فقرر ملاقاتها ليعاقبها على معارضته له و وقوفها في وجهه..

و بينما ريم مستمتعة باللعب في الغابة ، عارض طريقها الأسد يمنعها من المرور..

حاولت أن تسلك طريق آخر فاعترض طريقها ثانية..

حضرت جميع الحيوانات لتشاهد ماذا سيفعل الأسد للغزالة..؟!

لكن أحدا منهم لم يتشجع لإيقافه أو مقاومته ..

بدأ الأسد يزأر بقوة في وجه ريم ..

ارتعبت الحيوانات..

بدأت ترتجف ..

أما ريم وقفت واثقة لا تأبه بما يفعل الأسد ..

نظرت إليه بعناد..

اندهش الجميع لشجاعتها.. !

تعجب الأسد من قوتها.. !

بدأ يزأر و يزأر في وجهها لكن دون جدوى..

ما هذه القوة و الصلابة..؟!

إن زئيره يخيف حتى الحيوانات الأكثر منه قوة و حجما كالفيل و وحديد القرن.. !

أما ريم الصغيرة بقيت صامدة ، بل هي ترمقه بعينيها الحادة و كأنها تقول له : أنت لست قوي ، أنت تخدع الحيوانات بزئيرك فقط و تخبأ ضعفك ورائه..

زاد الأسد غضبا فضربها بيده لكنها قامت بسرعة..

طلبت الحيوانات منها أن تهرب لأن الأسد قوي :

إنّه زعيم الغابة

زئيره مدوي

أنيابه ثاقبة..

مخالبه جارحة..

هيا يا ريم ، استسلمي ..ابتعدي .. لا تقاومي ..

أنت ضعيفة ..

أنت عاجزة..

عل جننت يا غزالة ..

هيا اهربي لتنجي بنفسك..



رغم كل هذه المطالب و النصائح إلا أنها لم تكن تسمع كلام الحيوانات..

إن الغزالة ريم لا تسمع أصلا ، لقد ولدت صماء ..

لم تسمع زئير الأسد و لم تتأثر به..

لم تسمع تعظيم الحيوانات له و انخداعها بقوته

و لم تسمع نصائح الحيوانات لها بعدم مقاومته..

نظرت بحدّة للأسد ..

ارتفعت مطالب الحيوانات لها بعدم المجازفة..

تحفزت ريم لمصارعة الأسد .. فهي تظن أن الحيوانات تشجعها..

ضربت رجلها على الأرض .. انطلقت بسرعة نحوه..

كان مشهدا مثيرا لم يره أحد من قبل..

غزالة تجري نحو الأسد.. ؟!

وقف الأسد مندهشا ..

لم يحرك ساكنا..

وصلت إليه فابتعد قليلا لكنها غرزت قرونها الحادّة في جسده بقوة كبيرة..

زئر الأسد عاليا لكن الحيوانات لم تخف هذه المرة..

لقد كان زئير ألم و ضعف لا زئير رهبة و قوة..

سقط مصابا فسقطت معه الزعامة الوهمية..

أدركت الحيوانات أنها هي من كانت متوهمة و عاجزة و ليست الغزالة ريم..

تعلموا أن العجز إنما هو في الإرادة و العزيمة و ليس في الجسم أو الخلقة..

أما الغزالة لم تشعر يوما بالعجز أو بشيء يعيقها.. بل عندها إرادة كبيرة..

انطلقت في الغابة ..

تلعب ، تمرح..

تزهوا ، تفرح..

تستمتع بالحرية ..بالحياة الجميلة و الطبيعة الخلابة.